اعلم أننا جعلنا هذا الباب في خاتمة هذا القسم الثاني من الكتاب لأنه بهذا القسم أليق، وبهذا النوع أحق؛ لأن التشبه بالبهائم والسباع والطير والهوام لا يحسن إلا على ضرب من التأويل كما ستعلم.
واعلم أن الإنسان إنما أكرمه الله تعالى، وفضَّله بالعقل والمعرفة والبيان حيث يقول - عز وجل -: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}[الإسراء: ٧٠].
قال جعفر رحمه الله تعالى: بالمعرفة (١).
وقيل: بالنطق.
وبهذه الثلاثة يتميز الإنسان على سائر الحيوانات، وإلا كان هو والبهائم على حد سواء.
ولذلك قال بعض الحكماء: المرء بأصغريه لسانه وقلبه؛ أي: عقله ومعرفته لأن القلب محلهما.
وقال آخر: ما الإنسان لولا اللسان إلا بهيمة مهملة، أو صورة ممثلة.