للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وكأنه - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يستودع العلم أهل الدنيا المتكالبين عليها؛ فإن ذلك إضاعة للعلم، ومن هنا كان بعض العلماء إذا جاءه طالب لا يعلمه حتى يستكشف عن نيته؛ هل يريد بالعلم وجه الله تعالى، أو طلب المناصب والولايات، فإن شم منه رائحة الإخلاص علمه، وإلا تركه.

ولطف أبو الحسين الجزار الأديب المشهور في إطلاق الكلاب على أهل الدنيا بقوله: [من الخفيف]

لا تَعِبْنِي بِصَنْعَةِ القصَّابِ ... فَهْيَ أَزْكى مِنْ عَنْبَرِ الآدابِ

كانَ فَضْلِي عَلى الكِلابِ فَمُذْ صِرْ ... تُ أَدِيباً رَجَوْتُ فَضْلَ الكِلابِ

ومن المشهور الجاري على الألسنة: الدنيا جيفة، وطلابها كلابٌ (١).

ولا يعرف هذا في أصول الحديث أصلاً، وإنما روى البزار عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يُنَادِي مُنَادٍ: دَعُوا الدُّنْيَا لأَهْلِهَا، مَنِ اتَّخَذَ مِنَ الدُّنيَا أكْثَرَ مِمَّا يَكْفِيْهِ أَخَذَ جِيْفَةً وَهُوَ لا يَشْعُرُ" (٢).


(١) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٨/ ٢٣٨) عن علي - رضي الله عنه -، ويروى مرفوعاً ولا يصح.
(٢) قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (١٠/ ٢٥٤): رواه البزار، وقال: =

<<  <  ج: ص:  >  >>