وخافت على الرجل أن تتركه وحده فيموت، وكانت قد علقته ودخل قلبها حبه، فأحبت أن لا تذهب إلا به، فقالت للعنقاء: يا أمه! إن كنت لا بد فاعلة فإني أدخل جوف هذا الفرس، ثم تحمليني، فإن وقعت لم يضرَّني شيء.
فقالت: صدقت.
فدخلت في جوف الفرس، فحملتهما معا في الفرس حتى وضعتهما بين يدي سليمان عليه السلام، فقالت: هذه الجارية فأين الرجل؟
فقال: قولي للجارية تخرج، فخرجت.
فقال سليمان للرجل: اخرج، فقد جاءت بك تحملك على رغم أنفها على ظهرها.
فخرج، فاستحيت العنقاء، فخرجت على وجهها، فلم ير لها أثر حتى الساعة (١).
فهي يضرب بها المثل؛ يقال: أخفى من العنقاء.
قال ابن طولون: ورأيت في بعض الآثار: أن الطير صاحت عليها: يا عنقاء! يا قدرية! فذهبت، فلا يدرى أين ذهبت.
قيل: وكانت تشبه البوم، فلذلك ترى الطير إذا رأت البوم صاحت عليه.