للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لها ولا يهتم.

وأما أمر معاشه فثقته بالله تعالى أسقطت عنه هم المعاش، وخوَّفه من الله تعالى معدل لرجائه لفضله وإحسانه، فلا يظهر الهُزال في بدنه، بل يبدن ويسمن، وعلى ذلك يحمل ما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بَدَن في آخر عمره مع أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن إلا في كفاف من العيش والقوت، يأكل ما وجد، ويلبس ما وجد، فما حصل له من البدونة إنما هو بسبب امتلاء قلبه من الفرح بربه، والسرور بقربه.

ومن لطائف الاعتذار عن السمن ما ذكره ابن خميس في "مناقب الأبرار"، وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" عن أبي بكر الشبلي رحمه الله تعالى أنه قيل له: نراك جسيماً بديناً والمحبة تضني؟

فأشار يقول: [من المنسرح]

أَحَبَّ قَلْبِي وَما درى بَدَنِي ... وَلَوْ دَرى ما أَقامَ فِي السِّمَنِ (١)

وذكر الشيخ تاج الدين بن عطاء الله الإسكندري في "لطائف المنن" عن شيخه الشيخ أبي العباس المرسي رحمه الله تعالى: أنه كان ببلاد المغرب ولي من أولياء الله تعالى يتكلم على الناس، وكان بادناً، فجلس يوماً يتكلم على الناس، فقال رجل مكشوف الرأس كبيرها: هذا يزهد في الدنيا وهو كالدب؟ فكوشف الشيخ، فقال من فوق


(١) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (١٠/ ٣٧١)، وكذا السلمي في "طبقات الصوفية" (ص: ٢٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>