للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذا الحديث أن الناس عند قيام الساعة يكونون كالبهائم، وإنما خص النعامة منها لأنها أحمق البهائم حتى يضرب بها المثل في الحمق؛ فإنها تخرج لطلب الطعام، فمتى وجدت بيض نعامة أخرى حضنته، وتنسى بيضها فلا ترجع إليه.

كما قيل: [من المتقارب]

فَإِنِّي وَتَرْكِي لِذِي الأَكْرَمِينَ ... وَقدحِي وَكَفِّي زِناداً شحاحا

كَتارِكَةِ بَيْضِها بِالعَراءِ ... وَمُلْبِسَةِ بَيْضِ أُخْرى جَناحا (١)

وكذلك أحوال أكثر الناس في هذه الأعصار؛ يتركون ما يعنيهم ولو كان يعنيهم، ويشتغلون بما لا يعنيهم ولو كان لا يعنيهم.

ومما قلت: [من السريع]

أَقْبِلْ عَلى شَأْنِكِ إِنْ كُنْتَ تَرْ ... جُو رِفْعَةَ الشَّأْنِ بِدارِ القَرارِ

وَلا تُضعْ عُمْرَكَ فِي غَيْرِ ما ... يَعْنِيكَ تَنْدَمْ لاتَ حِينَ الفِرارِ

فَإِنَّ بَعْضَ النَّاسِ مِنْ جَهْلِهِ ... يَنْزُو عَلى الدُّنْيا كَنَزْوِ الغُرارِ

والغُرار - بالضم -: ولد النعجة، والماعزة، والبقرة الوحشية.

والنزو: الوثوب.


(١) البيتان لابن هرمة، كما في "الحيوان" للجاحظ (١/ ١٩٩)، و"غريب الحديث" لابن قتيبة (٢/ ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>