للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ما تقدم من أن الله تعالى يخلق في الدواب معنى يوجد فيها في تلك الساعة من كل جمعة، فيحصل لها الفَرَق والشفق لخصوصية قيام الساعة يوم الجمعة في أول ساعة منه حتى تطلع الشمس، فتذهب عنها تلك الحالة إلا ما كان من ابن آدم والجن أيضاً.

ففي حديث آخر: "وَمَا مِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ وَهِيَ تَفْزَعُ يَوْمَ الجُمُعَةِ إِلاَّ هَذَيْنِ الثَّقَلَينِ: الإِنْسُ وَالجِنُّ". رواه ابن حبان، وابن خزيمة في "صحيحيهما" (١).

وإنما تحصل تلك الحالة للثقلين على وجه الإلقاء لأنهما مكلفان، فلو جعل ذلك في طباعهما لم يكن فيه ثواب، فجعل اهتمام المكلف بيوم الجمعة وبقيام الساعة موكولاً إلى علمه واختياره ليكون له ثوابه إذا اهتم بيوم الجمعة، وارتاع لقيام الساعة، وتأهَّب لها باختياره.

وأما غيره من الدواب، بل والجمادات كما في حديث آخر رواه الإمام أحمد، والبزار من حديث سعد بن عبادة رضي الله تعالى عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "سَيِّدُ الأَيَّامِ يَوْمُ الجُمُعَةِ"، فذكر الحديث، وقال فيه: "وَفِيْهِ تَقُوْمُ السَّاعَةُ، مَا مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ، وَلاَ سمَاءٍ، وَلاَ أَرْضٍ، وَلاَ رِيَاحٍ، وَلاَ جِبَالٍ، وَلاَ بَحْرٍ إِلاَّ وَهُنَّ يُشْفِقْنَ مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ" (٢).


(١) رواه ابن حبان في "صحيحه" (٢٧٧٠)، وابن خزيمة في "صحيحه" (١٧٢٧)، وكذا الإمام أحمد في "المسند" (٢/ ٢٧٢).
(٢) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٥/ ٢٨٤)، وكذا الطبراني في "المعجم =

<<  <  ج: ص:  >  >>