للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى الديلمي عن أنس رضي الله تعالى عنه، عن النَّبى - صلى الله عليه وسلم - "أَنَّ مُشَيِّعِيْ الْجَنازَةِ قَدْ وَكَّلَ اللهُ بِهِمْ مَلَكا وَهُمْ مُهْتَمُّوْنَ مَحْزُوْنُوْنَ، حَتَّىْ إِذا أَسْلَمُوْهُ فِيْ ذَلِكَ القَبْرِ، وَرَجَعُوْا راجِعِيْنَ أَخَذَ كَفَّا مِنْ تُرابِ فَرَمَىْ بِهِ وَهُوَ يَقُوْلُ: ارْجِعُوْ إِلَىْ دُنْياكُمْ، أنساكُمُ اللهُ مَوْتاكُمْ، فَيَنْسَوْنَ ميِّتَهُمْ وَيَأْخُذُوْنَ فِيْ شَرابِهِمْ وَبَيْعِهِمْ كَأنهمْ لَمْ يَكُوْنُوْا مِنْهُمْ" (١).

والمعنى: أن هذا الملك موكل بتسلية النَّاس عن مصائبهم ليرجعوا إلى معاشهم، فتظهر مظاهر أسمائه تعالى فيهم أمراً ونهياً، ووعداً ووعيداً، وثواباً وعقاباً، فيبرز كل شيء سبق به القضاء على وفق ما قضى؛ إذ لولا الأمل لخربت الدَّنيا، والدُّنيا مزرعة الآخرة.

وقد روى ابن أبي شيبة، والإمام أحمد في "الزُّهد" عن الحسن قال: لما خلق الله آدم وذريته قالت الملائكة: إن الأرض لا تسعهم، قال: إني جاعلٌ موتاً، قالوا: إذاً لا يهنؤهم عيش، قال: إني جاعل أملاً (٢).

وقد قلت: [من الخفيف]

مَا سَلا مَنْ سَلا بَعْدَ مَوْتٍ نَزَلْ ... وَأَتَىْ الْمَرْءَ مِنْ بَعْدِ زُهدٍ أَمَلْ


(١) رواه الديلمي في "مسند الفردوس" (٩٠٨).
(٢) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٣٥٢٢٢)، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (١/ ١١٤) إلى الإمام أحمد في "الزهد".

<<  <  ج: ص:  >  >>