محله، وترك الاستغفار والتوبة من الذنب؛ فإن البهائم لا تعقل شيئًا من ذلك، ولا تفعله، ولا هي مكلفة به، فإذا تشبه بها في ذلك كسب النزول إلى حضيض البهيمة، وحرم ثواب ما ترك من هذه الآداب، وجاء بإثم ما ترك من الفرائض.
وكذلك الجزع عند المصيبة، وترك الاسترجاع يكون العبد متشبهًا فيه بالبهيمة، وإن انضم إلى ذلك نواح أو ولولة أو صراخ كان في ذلك شبيها بالكلاب العاوية.
ولذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ هَذهِ النَّوَائِحَ يُجْعَلْنَ يَوْمَ القَيِامَةِ صَفَّيْنِ في جَهَنَّمَ: صَفٌّ عَنْ يَمِيْنهِمْ، وَصَفٌّ عَنْ يَسَارِهِمْ، فَيَنْبَحْنَ عَلَىْ أَهْلِ النَّارِ كَمَا تَنْبُحُ الكِلابُ". رواه الطبراني في "الأوسط" من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه (١).
وكذلك إذا كان العبد في نعمة -خصوصاً إذا فجأته- فلم يشكر الله تعالى، أو أحسن إليه محسن من الناس بإنعام أو إكرام، فلم يشكره، كان في ذلك كالبهيمة التي يعلفها صاحبها، ويحسن الكَلأ رعيها، فلا يكون له منها شكر ولا مكافأة.
فإن قابل الإحسان بالإساءة كان كالبغل بالخصوص يهيئ له سائِسُه العلف، وهو يهئ له الرفس، بل هو شيطان مريد.
(١) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (٥٢٢٩). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٣/ ١٤): فيه سليمان بن داود اليمامي، وهو ضعيف.