للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن حجر: ويؤيده ما رواه حماد بن سلمة في "مصنفه" عن الأعلم، عن الحسن، عن أبي بكرة رضي الله تعالى عنه: أنه دخل المسجد ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي وقد ركع، فركع، ثم دخل الصف وهو راكع، فلما انصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيُّكُمْ دَخَلَ الصَّفَّ وَهُوَ رَاكِعٌ؟ ".

فقال له أبو بكرة: أنا.

فقال: "زَادَكَ اللهُ حِرْصًا، وَلا تَعُدْ" (١).

قلت: وإنما قال له: "زَادَكَ اللهُ حِرْصًا" قبل أن ينهاه عن العَوْدِ إشارةً إلى الاعتذار عنه بأنه إنما حمله على ذلك حرصه على الخير.

ولا بد من تقييد الحرص الذي دعا له به بالحرص على الخير كما رواه الطبراني في "الكبير" بلفظ: "زَادَكَ اللهُ عَلَى الخَيْرِ حِرْصًا، وَلا تَعُدْ".

والمعنى: أن العبد -وإن كان حريصاً على الخير- ينبغي أن يتقيد في طلبه بالمشروع من أَنَاة وغيرها, ولا تحمله شدة الحرص على العجلة التي تخل بأدب من آداب الشريعة كما حمل أبا بكرة حرصه على تحصيل الجماعة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - والمبادرة إليها على أنْ عَجِل، فأحرم، أو ركع دون الصف، ثم مشى إلى الصف راكعا، فأشبه ذوات الأربع في مشيها، وهي هيئة مباينة للأدب، فإن مشى الإنسان راكعاً


(١) انظر: "فتح الباري" (٢/ ٢٦٨)، و "التلخيص الحبير" كلاهما لابن حجر (١/ ٢٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>