للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال - صلى الله عليه وسلم -: "قتَلَ نَفْسَهُ وَأَضَاعَ دِيْنَهِ، وَكَانَ الكَلْبُ خَيْرًا مِنْهُ" (١).

قلت: وجه ذلك أن الكلب نصح لصاحبه مالك الماشية، وحفظ له وده، وحرس ماشيته، وهذا السارق خان أخاه المسلم، ولم يحفظ فيه ذمة الإسلام، فكان الكلب خيرًا منه من هذا الوجه.

قال المرزباني: وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: كلبٌ أمين خيرٌ من صاحب خؤون (٢).

وكان للحارث بن صعصعة نُدَماء لا يفارقهم، وكان شديد المحبة، فخرج في بعض منتزهاته ومعه ندماؤه، فتخلف واحدٌ منهم، فدخل على زوجته، فأكلا وشربا، ثم اضطجعا، فوثب الكلب عليهما فقتلهما، فلما رجع الحارث إلى منزله وجدهما ميتين، فعرف الأمر، فأنشأ يقول: [من الطويل]

فيا عَجَبًا للخلَّ يَهْتِكُ حُرْمَتِي ... وَيا عجبًا للكَلْبِ كَيْفَ يَصُونُ

وما زالَ يَرْعَى ذِمَّتي ويَحُوطُنِي ... وَيحْفَظُ عِرْسِي والخليلُ يَخُونُ (٣)

وذكر ابن قتيبة في كتاب "مختلف الحديث" عن أبي عبيدة: أنه كان يذكر أنَّ رجلين سافرا فوقع عليهما اللصوص، فقاتل أحدهما حتى غلب، فأخذ، فدفن وترك رأسه بارزًا، وجاءت الغربان وسباع الطير


(١) رواه المرزباني في "فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب" (ص: ١٢).
(٢) انظر: "فضل الكلاب" للمرزباني (ص: ١٣).
(٣) انظر: "فضل الكلاب" للمرزباني (ص: ٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>