للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعنى كما قال الزمخشري: اضطر اللئيم إليك بالحاجة ليقر عندك؛ فإنه إذا استغنى عنك تركك.

قال الزمخشري: ويُحكى أنَّ المنصور قال ذات يومٍ لقواده: لقد صدق الأعرابي حيث قال: جوع كلبك يتبعك.

فقال له أحدهم: يا أمير المؤمنين! أخشى إنْ فعلتُ ذلك أن يلوح له غيرك برغيف فيتبعه ويتركك.

[فأمسك المنصور، ولم يُحِرْ جواباً]، انتهى (١).

وقال بعضهم: إنما جرى للمنصور مع أبي بكر بن عياش رحمه الله تعالى، وهو الذي أجاب المنصور بذلك، وكان جريئًا عليه.

قلت: وكيفما اعتبرت حال الكلب اعتبرته لئيمًا؛ إنْ جوعته تبعك، وإنْ أطعمه غيرك تركك وأَقْبل على غيرك، ثم هو لا يقبل حقيقة إلاَّ على طمعه؛ ألا تراه إذا استوفى ما طمع فيه عاد إلى صاحبه؟

ومن هنا قيل في المثل: كلب غيرك ما تبعك، وولد غيرك ما نفعك؛ أي: وإن تبعك كلب غيرك مرَّة، أو نفعك ولد غيرك مرَّة لا يدوم ذلك لك؛ فكأن الكلب لم يتبع، والولد لم ينفع.

وقد مثلوا اللئيم بالكلب بأمثال أخرى، فقالوا: أحبَّ الكلب خانقه؛ كما أورده الزمخشري (٢).


(١) انظر: "المستقصى في أمثال العرب" للزمخشري (١/ ٥٠).
(٢) انظر: "المستقصى في أمثال العرب" للزمخشري (١/ ٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>