للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فآذتنا البراغيث، فسببناها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَسُبوهَا؛ فَنِعْمَتِ الدَّابَةُ أَيْقَظَتْكُمْ لِلصلاةِ" (١).

قلت: فيه تنبيه على أنَّ الإنسان لا ينبغي له أن يسُب شيئاً من مخلوقات الله تعالى إلا من حيث أُذِنَ له في السب؛ فإنَّ العبد مهما طالع صنع الله تعالى في مخلوقاته بعين الرضا، واعتبار الحكمة في خلقها ظهرت له من كل مصنوع كل مليحة؛ فإن الله تعالى لم يخلق شيئا إلا وفيه فائدة؛ ألا ترى أنه خلق إبليس وابتلى النَّاس بعداوته، وابتلاه بإغواء الإنسان حتى يجاهده الإنسان ويُخالفه فيُثابُ ويؤجر، ولولا ابتلى الله آدم بإبليس حتى وقعت منه الزلة لم يظهر آدم عليه السلام بالتوبة التي هي أول مقامات الأولياء، والوسيلة إلى محبة الله تعالى؛ {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: ٢٢٢].

فإن أطاع الإنسان الشيطان ولم يجاهده ظهرت حجة الله تعالى عليه.

وكذلك خلق الله تعالى العصاة لتظهر حجة الله تعالى عليهم ليكونوا عبرة لأهل الطاعة.

وكذلك خلق القردة والخنازير والأباعر ليظهر فضله عليك في أن خلقك إنسانا ولم يخلقك كذلك فيزداد شكرك، ولذلك كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (٩٣١٨) وعنده: "لذكر الله" بدل "للصلاة". قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٨/ ٧٨): فيه سعد بن طريف، وهو متروك.

<<  <  ج: ص:  >  >>