للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما ما رواه ابن ماجه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: لدغَتْ النبي - صلى الله عليه وسلم - عقرب وهو في الصلاة، فقال: "لَعَنَ اللهُ الْعَقْرَبَ؛ مَا تَدَعُ مُصَلِّيًّا وَلا غَيْرَ المُصَلِّيَ، اقتلُوْهَا فِيْ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ" (١).

وروى أبو نعيم في "الطب" عن علي رضي الله تعالى عنه قال: لدغت النبي - صلى الله عليه وسلم - عقرب وهو يصلي فقال: "لَعَنَكِ اللهُ؛ لا تَدَعِيْنَ نبَيًّا وَلا غَيْرَهُ"، ثم دعا بماء وملح ورَشه عليها (٢).

فإن سبب لعنه للعقرب تعرضها له في الصلاة باللدغ لتشغله عنها، فقد لعنها معللاً للعنها بقيد ما علل به النهي عن سبِّ الديك والبرغوث وإن كان فيه ما يدعو إلى سبه من القرص؛ فإنَّ قرصه لطيف لا يؤثر أكثر من إيقاظ النائم للصَّلاة، فحسنته تُذهب سيئته بخلاف العقرب، والحية، والكلب العقور، والحدأة، والغراب الأبقع، والفأرة، وهي الفواسق؛ فإنها متمحضة للإيذاء، فلذلك تُقتل في الحل والحرم، ويقتلها المحرم والحلال.

ومن هنا ساغ سبُّها كما يسوغ سب الكفار والظلمة لتمحضهم للشر والأذية، وإنما لم يَجُزْ لعن كافر بعينه ولا ظالم بعينه إلا أن يموت على الكفر لأن خاتمته مُغَيَّبة عنا.

والذي تلخص لنا: أن ما يتمحض للأذية والشر من الحيوانات


(١) رواه ابن ماجه (١٢٤٦)، وكذا الطبراني في "المعجم الأوسط" (٧٣٢٩).
(٢) ورواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (٥٨٩٠). وحسن الهيثمي إسناده في "مجمع الزوائد" (٥/ ١١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>