للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فخلَّى سبيلهما (١).

قلت: يُشير قوله: إن المحب لا يُلام إلى حالة شريفة تكلم عليها الصوفية وهي حال الغلبة، ويكون سببها إما فرط المحبة، وإما فرط الغضب.

فأما الأول: فإنَّ المحبة تغلب على المحب حتى يتكلم بما لا يكون، ومن هنا جاء الحديث: "لا يَصْلُحُ الْكَذِبُ إِلاَّ فِيْ ثَلاثٍ: الْحَرْبِ، وَالرَّجُلِ يُصْلِحُ بَيْنَ اثْنَيْنَ، وَالرَّجُلِ يُكَلِّمُ زَوْجَتَهُ" (٢).

وقلت: [من المتقارب]

إِذا وَثَبَ الْحُبُّ يَوْماً عَلى ... فُؤادِ الْمُتَيَّمِ حَتَّى غَلَبْ

فَلا عَتبٌ عِنْد أَهْلِ الْهَوى ... عَلَيْهِ إِذا اخْتَلَّ شَرْطُ الأَدَبْ

وأما الثاني: فإذا كان الغضب في حق الله تعالى وغلب على العبد حتى صار منه ما لا يحسن في غير تلك الحالة كما روي أن عمر رضي الله تعالى عنه أخذ لرداء النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أراد أن يُصلي على عبد الله ابن أُبي بن سلول، وقال له: يا رسول الله! لا تصلِّ على هذا المنافق، ونزلت الآية على وفق كلامه (٣).


(١) رواه أبو الشيخ في "العظمة" (٥/ ١٧٦٧).
(٢) رواه الترمذي (١٩٣٩) بمعناه عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها.
(٣) رواه ابن أبي حاتم في "التفسير" (٦/ ١٨٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>