للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنا بُلْبُلُ الأَفْراحِ أَمْلأُ دَوْحَها ... وَفِي العَلْياء بازٌ أَشْهبُ

وروى الأصبهاني في "الترغيب" عن مالك بن دينار رحمه الله تعالى: أن سليمان بن داود عليهما السلام مرَّ على بلبل على شجرة يحرك رأسه ويميل ذنبه، فقال لأصحابه: أتدرون ما يقول؟

قالوا: لا.

قال: إنه يقول: أكلتُ نصف تمرة فعلى الدنيا العفاء (١)؛ أي: الدروس وذهاب الأثر.

وقيل: التراب.

والمؤمن أولى بالقناعة بالكفاف، والقدوة في ذلك بسيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم - الذي كان يقول: "اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمّدٍ كَفَافًا".

وفي رواية "قُوتاً" كما تقدم (٢).

وذكر ابن عبد ربه في "العقد" أنه قيل لأبي نواس: قد أرسلوا وراء أبي عبيدة والأصمعي ليجمعوا بينهما.

فقال: أما أبو عبيدة فإن خلوه وسفَره قرأ عليهم أساطير الأولين، وأما الأصمعي فبلبلٌ في قفص، يطربهم بصفيره (٣).

وكذلك ينبغي لمن له حفظ إذا جلس بين قوم أن يفيض عليهم


(١) ورواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٢٢/ ٢٨٦).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) انظر: "العقد الفريد" لابن عبد ربه (٢/ ٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>