للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رحمه الله تعالى قال: كنت ليلةً في قريةٍ من قرى الشام، فإذا بصوب فصيح: أسأت فلا أعود، فلما أصبحتُ سألتُ عن الصوت، فقيل لي: إنه طائر.

فقلت: ما يقال له؟

فقيل: فاقد إلفه.

قال: ثم سمعت في الوقت صوتاً ولا أرى شخصاً، وهو ينشد ويقول: [من البسيط]

طَيْرٌ نَحِيلٌ بِأَرْضِ الشَّامِ أَقْلَقَه ... ذِكْرُ الْحَبِيبِ لَهُ نُطْقٌ بِإِضْمارِ

يَقُولُ أَخْطَأْتُ حِينَ الصُّبْحُ يُسْعِدُهُ ... صَوْتٌ شَجِي يُبَكِّي وَقْتَ إسْحارِ

قلت: كثيراً ما يُسمع بالشام الآن طائران بالليل يصيحان، أحدهما صياحه على وزان حق، والآخر صياحه على وزان يعقوب، والعوام يقولون: هما طائران فقد كلُّ واحد منهما رفيقه ولا يجتمعان، أحدهما اسمه إسحاق، والآخر يعقوب، فالثاني يصيح: إسحاق، والأول يصيح: يعقوب.

والناس ينزلون أصوات الطير كل منهم على ما يليق بحاله، ولعل الطائر الذي سمعه السري يقول: أخطأت لا أعود هو الذي يحسب العوام أنه يقول يعقوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>