للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى ابن ماجه عن تميم الداري رضي الله تعالى عنه قال: كنا جلوسا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ أقبل بعير يعدو حتى وقف على هامة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَيُّهَا الْبَعِيْرُ! اسْكُنْ؛ فَإِنْ تَكُ صَادِقًا فَلَكَ صِدْقُكَ، وَإِنْ تَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْكَ كَذِبُكَ؛ مَعَ أَنَّ اللهَ تَعَالَىْ قَدْ آمَنَ عَائِذَناَ وَلَيْسَ بِخَائِبٍ لائِذُنَا".

فقلنا: يا رسول الله! ما يقول هذا البعير؟

فقال: "هَذَا بَعِيْرٌ قَدْ هَمَّ أَهْلُهُ بِنَحْرِهِ وَأَكْلِ لَحْمِهِ فَاسْتَغَاثَ بِنَبِيِّكُمْ".

قال: فبينا نحن كذلك إذ أقبل أصحابه يتعادون، فلما نظر إليهم البعير عاد إلى هامة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلاذ بها، فقالوا: يا رسول الله! هذا بعيرنا هرب منذ ثلاثة أيام، فلم نلقه إلا بين يديك.

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَمَا إِنَّهُ يَشْكُوْ لِيْ فَبِئْسَتِ الشِّكَايَةُ".

فقالوا: يا رسول الله! ما يقول؟

قال: "إِنَّهُ يَقُوْلُ: إِنَّهُ رُبِّيَ فِيْ أَمْنِكُمْ أَحْوَالاً، وَكُنتمْ تَحْمِلُوْنَ عَلَيْهِ فِيْ الصَّيْفِ إِلَىْ مَوْضعِ الْكَلأِ، فَإِذَا كَانَ الشِّتَاءُ رَحَلْتُمْ إِلَىْ مَوْضعِ الدِّفْءِ، فَلَمَّا كَبُرَ اسْتَفْحَلْتُمُوْهُ فَرَزَقَكُمْ اللهُ مِنْهُ إِبِلاً سَائِمَةً، فَلَمَّا أَدْرَكَتْهُ هَذهِ السَّنَةُ الْخَصْبَةُ هَمَمْتُمْ بِنَحْرِهِ وَأَكْلِ لَحْمِهِ".

فقالوا: قد والله كان ذلك يا رسول الله.

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا هَذَا جَزَاءُ الْمَمْلُوْكِ الصَّالِحِ مِنْ مَوَالِيْهِ".

<<  <  ج: ص:  >  >>