للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يلزم أن تصوم عاشوراء سائر الحيوانات؛ فإنها غير مكلفة، وإنما يصومه منها الطير والوحش، أو شيء منها بإلهام من الله تعالى لتبقى آثار معجزة نوح عليه الصلاة والسلام كما بقيت له آثار معجزة أخرى، وهي ما رواه الثعلبي بإسناده عن مالك بن سليمان الهروي: أن الحية والعقرب أتيا نوحاً عليه السلام، فقالتا: احملنا.

قال: إنكما سبب الضرر والبلايا والأوجاع، فلا أحملكما.

قالتا: احملنا؛ فإنَّا نضمن لك أن لا نضر أحداً ذَكَرَك، فمن قرأ حين يخاف مضرتهما: {سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ (٧٩) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٠) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ} [الصافات: ٧٩ - ٨١] ما ضرتاه (١).

وروى ابن عبد البر في "التمهيد" عن سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى قال: بلغني أن من قال حين يمسي: {سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ} [الصافات: ٧٩]؛ لم يلدغه عقرب (٢).

وروى ابن عساكر عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ قَالَ حِيْنَ يُمْسِي: صَلَّى اللهُ عَلَىْ نُوْحٍ وَعَلَىْ نُوْحٍ السَّلامُ، لَمْ يَلْدَغْهُ عَقْرَب تِلْكَ اللَّيْلَة" (٣).

وكما بقيت آثار آية الله تعالى في هلاك قوم هود عليه السلام


(١) رواه الثعلبي في "التفسير" (٥/ ١٧٠).
(٢) انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (٢١/ ٢٤١).
(٣) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٦٢/ ٢٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>