للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ودل على عفافها وورعها أنها تعوذت بالله من تلك الصورة الجميلة الفائقة الحسن، وكان تمثله على تلك الصفة ابتلاءً لها، وسبراً لعفتها (١)، انتهى.

وقال القاضي: أتاها جبريل عليه السلام في سورة غلام (٢) أمرد سويِّ الخلق لتستأنس بكلامه، ولعله لتهيج شهوتها فتنحدر نطفتها إلى رحمها (٣). انتهى.

ويدل له ما رواه ابن عساكر عن ابن عبَّاس قال: فدنا جبريل، فنفخ في جيبها، فوصلت النفخة جوفها، فاحتملت كما تحمل النساء في الرحم والمشيمة، ووضعته كما تضع النساء (٤).

وفيه دليل على أن عيسى عليه السلام مخلوق من نطفة أمه، وكان بدو جبريل لمريم ونفخه في جيبها بأمر الله تعالى لتظهر هذه الآية العظيمة، والحكمة البالغة، ويظهر أن مريم في أعلى طبقات العفة كما أمر الله تعالى رسل إبراهيم عليهم السلام أن يظهروا لقوم لوط في صور بشر مرد حسان ليكونوا شهداء عليهم بالعزم على الفاحشة، وكانوا أربعة على عدد الشهود الذين يثبت بهم الزنا واللواط.


(١) انظر: "الكشاف" للزمخشري (٣/ ١٠).
(٢) في "تفسير البيضاوي": "شاب".
(٣) انظر: "تفسير البيضاوي" (٤/ ٩).
(٤) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٤٧/ ٣٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>