للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه من الخصال المحمودة أنه ضعيف حتى يضرب به المثل، فيقال: أضعف من نملة.

ومع ذلك لا يدع الحركة فيما ينفعه، ولذلك سمي نملاً لتنمله، وهو كثرة حركته.

وله حيلة في طلب الرزق، فإذا وجد شيئاً أنذر إخوانه لتأتيه، ويقال: إنما يفعل ذلك رؤساؤها.

والاعتبار في ذلك أن المؤمن ينبغي له أن يتحرك في نفع نفسه ومن يعوله على قدر حاله، ولا يكون كَلًّا على الناس، ولا يستبعد على نفسه الوصول إلى مطلوبه لضعفه كما قيل: [من السريع]

اقْنَعْ فَلا تَبْقَى بِلا بلغَة ... فَلَيْسَ يَنْسَى رَبُّكَ النَّمْلَةْ

إِنْ أَقْبَلَ الدَّهْرُ فَقُمْ قائِماً ... وَإِنْ تَوَلَّى مُدْبِراً نَمْ لَهْ

وروى الدارقطني، والحاكم عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تَقْتُلُوْا النَّمْلَ؛ فَإِنَّ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ خَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ يَسْتَسْقِيْ فَإِذَا هُوَ بِنَمْلَةٍ مُسْتَلْقِيَةٍ عَلَىْ قَفَاهَا رَافِعَةً قَوَائِمَهَا تَقُوْلُ: اللَّهُمَّ إِنَّا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِكَ، لا غِنَىْ لَهُ عَنْ فَضْلِكَ، اللَّهُمَّ لا تُؤَاخِذْنَا بِذِنُوْبِ عِبَادِكَ الْخَاطِئِيْنَ، وَاسْقِنَا مَطَرًا تُنْبِتْ لَنَا بِهِ شَجَرًا وَأَطْعِمْنَا ثَمَرًا، فَقَالَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلامُ: ارْحَلُوْا فَقَدْ كُفِيْنَا وَسُقِيْتُمْ بِغَيْرِكُمْ" (١).


(١) رواه الدارقطني في "السنن" (٢/ ٦٦)، والحاكم في "المستدرك" (١٢١٥) ولفظهما: "خرج نبي من الأنبياء بالناس يستسقي، فإذا هو بنملة=

<<  <  ج: ص:  >  >>