للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَتَىْ الأَعْمَىْ فَقالَ: أَيّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قالَ: يَرُدُّ اللهُ إِلَيَّ بَصَرِيْ، فَأُبْصِرُ بِهِ النَّاسَ، فَرَدَّ اللهُ إِلَيْهِ بَصَرَهُ، قالَ: فَأَيُّ الْمالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قالَ: الْغَنَمُ، فَأَعْطاهُ شاةً وَالِداً.

فَأَنتجَ هَذانِ، وَوَلَدَ هَذا، فَكانَ لِهَذا وادٍ مِنَ الإِبِلِ، وَلِهَذا وادٍ مِنْ بَقَرٍ، وَلِهَذا وادٍ مِنْ غَنَمٍ.

ثُمَّ إِنَّهُ أَتَىْ الأَبْرَصَ فِيْ صُوْريهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقالَ: رَجُلٌ مِسْكِيْنٌ تَقَطَّعَتْ بِهِ الْحِبالُ فِيْ سَفَرِهِ، فَلا بَلاغَ الْيَوْمَ إِلاَّ بِاللهِ، ثُمَّ بِكَ، أَسْألكَ وَبِالَّذِيْ أَعْطاكَ اللَّوْنَ الْحَسَنَ وَالْجِلْدَ الْحَسَنَ وَالْمَالَ بَعِيْراً أتَبَلَّغُ بِةِ فِيْ سَفَرِيْ، فَقالَ لَهُ: إِنَّ الْحُقُوْقَ كَثِيْرةٌ، فَقالَ لَهُ: كَأنَّي أَعْرِفُكَ؛ أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذِرُكَ النَّاسُ؟ فَقِيْراً فَأَعْطاكَ اللهُ؟ قالَ: لَقَدْ وَرِثْتُ لِكابِرٍ عَنْ كابِرٍ، قالَ: فَإِنْ كُنْتَ كاذِباً فَصَيَّرَكَ إِلَىْ ما كُنْتَ.

وَأتىْ الأَقْرَعَ فِيْ صُوْرتِهِ، فَقالَ لَهُ مِثْلَ ما قالَ لِهَذا، وَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ ما رَدَّ عَلَيْهِ هَذَا، فَقالَ: إِنْ كُنْتَ كاذِباً فَصَيَّرَكَ اللهُ إِلَىْ ما كُنْتَ.

وَأَتَىْ الأَعْمَىْ فِيْ صُوْرَتهِ، فَقالَ: رَجُل مِسْكِيْنٌ، وَابْنُ سَبِيْلٍ، وَتَقَطَّعَتْ بِيَ الْحِبالُ فِيْ سَفَرِيْ، فَلا بَلاغَ الْيَوْمَ إِلاَّ بِاللهِ، ثُمَّ بِكَ، أَسْألكَ بِالَّذِيْ رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ شَاةً أتبَلَّغُ بِها فِيْ سَفَرِيْ، فَقالَ: قَدْ كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللهُ بَصَرِيْ، وَفَقِيْراً [فقد أَغْنَاني]، فَخُذْ ما شِئْتَ، فَوَاللهِ لا أَجْهَدُكَ (١) الْيَوْمَ لِشَيْءٍ أَخَذْتَهُ لِلَّهِ، فَقالَ: أَمْسِكْ مالَكَ؛ فَإِنَّما ابْتُلِيْتُمْ، فَقَدْ رَضِيَ


(١) في "أ" و"ت": "لأحمدن" بدل "لا أجهدك".

<<  <  ج: ص:  >  >>