للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يغتر بالقمر، فيأنس به، ويظهر من كناسه، فيصاد (١).

وقد جاء وصف المؤمن بالغرة.

روى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "المْؤُمِنُ غِرٌّ كَرِيْمٌ، وَالْفَاجِرُ خِبٌّ لَئِيْمٌ" (٢).

فإن قلت: كيف يجمع بين وصفه بالغرة ووصفه بالكياسة والفطنة والحذر؟

قلت: يجمع بينهما بأنه كيس فطن حذر، لكنه لا ينتهي إلى حد الدهاء والمكر، بل يحمله لينه وحسن ظنه على الاغترار بالخير؛ فإن المؤمن ينخدع بالخير؛ ألا ترى كيف انخدع آدم وحواء عليهما السلام بمقاسمة الشيطان لهما أنه لهما ناصح؟

وقد قال بعض السلف: مَنْ خادعنا بالله خَدَعَنا.

ونظير ذلك أن المؤمن هين لين.

وروى البيهقي في "الشعب" عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الْمُؤْمِنُ لَيّنٌ تَخَالُهُ مِنَ اللِّيْنِ أَحْمَقَ" (٣).


(١) انظر: "جمهرة الأمثال" للعسكري (٢/ ٨٥).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) رواه البيهقي في "شعب الإيمان" (٨١٢٧). تفرد به يزيد بن عياض، وليس بالقوي، وروي من وجه آخر صحيح مرسلاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>