للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السلام كان أطيب الناس طعاماً، إنَّما كان يأكل مع الوحش كراهة أن يخالط الناس في معاشهم (١).

وقال الزمخشري في "الفائق": في الحديث أنَّ الله - عز وجل - قال لأيوب عليه السلام: إنه لا ينبغي أن يخاصمني إلَّا من جعل الزيار في فم الأسد والسحال في فم العنقاء (٢).

الزيار: ما يشد به البيطار محنكة الدابة وزيره إذا شُد به.

والسحال يعني: السحل، وهي الحلقة المدخلة في الأخرى على طرف شكيمة اللجام، وهما مسحلان في طرفيها (٣).

قلت: والتمثيل الذي وقع في الحديث المذكور إنما هو من باب التقريب والتعجيز للعبد، وإلا فإنَّ العبد لا ينبغي له مخاصمة الله - عز وجل - أصلاً ولا يستطيعها؛ فإنَّ الله عزيز، ولكن لما كان وضع الزيار في فم الأسد والمسحلين بشكيمها في فم العنقاء بعيداً جداً حتى يعد في العادة مستحيلاً - وإن كان ممكنًا في نفسه - مَثَّل لذلك كأنَّه يقول: إذا كان العبد عاجزاً عن مثل ذلك فلا قدرة له على مخاصمة الله العزيز الجبار، فليستقل من مخاصمته وليرجع إلى مسالمته؛ فإنه لا قِبَل له بغير ذلك.


(١) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٥/ ١٢٣).
(٢) رواه الطبري في "التفسير" (١٧/ ٦٣) عن وهب بن منبه.
(٣) انظر: "الفائق في غريب الحديث" للزمخشري (٢/ ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>