للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين مكة والبصرة في بعض المناهل، فحضرت الجمعة، ولم يحضر الإمام، فقيل لأعرابي: يا أعرابي! قم فاخطب، فقام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا أيها الناس! إنما الدنيا دار بلاع، والآخرة دار قرار، فخذوا من ممركم لمقركم، ولا تهتكوا أستاركم عند من لا تخفى عليه أسراركم؛ فإن العبد إذا هلك قالت الملائكة: ما قدم؟ وقال بنو آدم: ما خلف؟ فقدموا لأنفسكم بعضاً تجدوه قريباً، ولا تخلفوا كلًّا فيكون عليكم ثقيلاً، والمحمود الله، والمصلى عليه محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، والمدعوُّ (١) له الخليفة، والأمير جعفر، قوموا إلى صلاتكم (٢).

وإنما تسأل الملائكة عما قدم العبد لأنه هو الذي يبقى؛ فإن كان خيراً علموا أنه في الخير، وإن كان سوءاً علموا أنه في السوء الدائم.

والمسؤول من الملائكة مَلَكَا العبد، أو يسألهما بعض الملائكة، ثم يتحاكون عن عمله في السماء.

والناس يسألون عما خلف - أي: من الأموال والورثة - لأن المال مطرح نظر الأكثرين منهم، وإنما يسألون عن الورثة للغبطة والحسد، أو للتشفي، أو نحو ذلك مما الملائكة منزهون عنه.

فينبغي للعاقل من الناس أن يكون اعتباره إذا حضر الميت، أو


(١) في "أ": "المدعي".
(٢) رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" (ص: ١٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>