للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ومن هذا الضرب بلقيس ملكة سبأ.

قال: وكذلك ذو القرنين كانت أمه آدمية وأبوه من الملائكة.

قال: ولذلك لما سمع عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه رجلاً ينادي رجلاً: يا ذا القرنين! قال: أَفَرَغْتُم من أسماء الأنبياء فارتفعتم إلى أسماء الملائكة؟ (١) انتهى.

قلت: هذا من تخبيط الجاحظ، وقياساته الفاسدة، وتلاعبه في الكلام، وقد كان من المبتدعة، كما بَيَّنَ حاله ابن قتيبة، وغيره.

والملائكة معصومون من الزنا، مجردون عن الشهوة إلا ما كان من أمر هاروت وماروت على وجه الابتلاء، كما سبق، وما ذكره عن جرهم فإنه من خرافات الجاهلية، وما ذكره في ذي القرنين وبلقيس فإنه كذب لا أصل له أصلاً.

نعم، روى ابن جرير الطبري، وغيره عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَحَدُ أَبَوَيْ بَلْقِيْسَ كانَ جِنِّيًّا" (٢).


(١) انظر: "الحيوان" للجاحظ (١/ ١٨٧)، و"حياة الحيوان الكبرى" للدميري (٢/ ٢٩) ثم نقد ذلك الدميري فقال: والحق في ذلك أن الملائكة معصومون من الصغائر والكبائر كالأنبياء عليهم الصلاة والسلام، كما قاله القاضي عياض وغيره، وأما ما ذكروه من أن جرهماً كان من نتاج الملائكة وبنات آدم، وكذلك ذو القرنين وبلقيس فممنوع، واستدلالهم بقصة هاروت وماروت ليس بشيء، فإنها لم تثبت على الوجه الذي أوردوه.
(٢) رواه الطبري في "التفسير" (١٩/ ١٦٩)، والثعلبي في "التفسير" (٧/ ٢٠٢).=

<<  <  ج: ص:  >  >>