للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالتقوى أخص أوصاف الصالحين، وهي شرط في سائر أعمالهم، ولذلك لما ذكر الله تعالى مجملات أوصاف الصالحين، وأعمالهم بقوله تعالى: {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ (١١٣)} [آل عمران: ١١٣]، إلى آخره قال بعد ذلك: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (١١٥)} [آل عمران: ١١٥] إشارة إلى ذلك.

ثم التقوى تنشأ عنها سائر الأعمال الصالحة؛ لأنها ترجع إلى صلاح القلب، وبصلاحه يصلح سائر الجسد، كما علمت من الحديث، فصلاح الجسد إنما يكون بالأعمال الصَّالحة، ومن ثَمَّ وصف الله الذين اتقوا بقوله: {الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (١٦) الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} [آل عمران: ١٦ - ١٧].

ووصف المتقين بقوله: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣)} [البقرة: ٣]، إلى قوله: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥)} [البقرة: ٥].

وقال تعالى بعد أن ذكر جملة من أعمال البر في قوله: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (١٧٧)} [البقرة: ١٧٧].

وقال تعالى: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} [آل عمران: ١١٣]، إلى قوله: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (١١٥)} [آل عمران: ١١٥].

وهذه الآية الكريمة ما أبقت من أفعال الصالحين وأخلاقهم شيئًا إلا جمعته، ولذلك لمَّا سئل جد جدي شيخ الإسلام؛ أبو نعيم أحمد

<<  <  ج: ص:  >  >>