للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يكون البغض في الله على ترك ما هو الأولى، وفعل المكروه زجراً عنه، وحملاً للنفس على شدة البغض للمعاصي ببغض من يفعل المكروه.

روى ابن أبي شيبة عن يحيى البَكَّاء قال: كنت آخذاً بيد ابن عمر رضي الله تعالى عنهما وهو يطوف بالكعبة، فلقيه رجل من مؤذني الكعبة، فقال: إني لأحبك في الله، فقال ابن عمر: إني لأبغضك في الله؛ إنك تحبس صوتك لأخذ الدَّراهم (١).

وروى عبد الرزاق عنه قال: رأيت ابن عمر يسعى بين الصَّفا والمروة - ومعه ناس - فجاءه رجل طويل اللحية، فقال: يا أبا عبد الرحمن! إني لأحبك في الله، فقال: إني لأبغضك في الله، فغضب الرجل، وقال لأصحابه: ألا تعجبون؟ قلت: إني لأحبك في الله، فقال لي: إني لأبغضك في الله؟ فكأن أصحاب ابن عمر لاموه، وكلموه، فقال: إنه يبغي (٢) في أذانه (٣)، ويأخذ عليه أجراً (٤).

وعن الضَّحَّاك بن قيس رضي الله تعالى عنه: أن رجلًا قال له: إني


(١) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٢٣٧٢).
(٢) في "أ": "يتغنى".
(٣) يبغي في أذانه: أصل البغي: مجاوزة الحد، أراد التطريب فيه والتمديد من تجاوز الحد. انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (١/ ١٤٤).
(٤) رواه عبد الرزاق في "المصنف" (١٨٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>