للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى مسلم عن جابر رضي الله تعالى عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "طَعَامُ الْوَاحِدِ يَكْفِيْ الاثْنَيْنِ، وَطَعَامُ الاثْنَيْنِ يَكْفِيْ الأَرْبَعَةَ، وَطَعَامُ الأَرْبَعَةِ يَكْفِيْ الثَّمَانِيَةَ" (١).

قلت: هذا الحديث يظهر الحكمة في المواساة، والفائدة فيها، وذلك أن العبد إذا واسى (٢) أخاه في قدر كفايته من الطعام وغيره بحيث شاطره إياه، ويجتزئ بقدر نصف الكفاية، فإن الله تعالى يكافئه؛ بأن يجعل ذلك النصف كافياً له كما لو استوفاه؛ فإنه سبحانه وتعالى كما جعل كفايته في هذا القدر قادر على أن يجعلها في قدر نصفه، ثم يجعل الله ثواب مساواته لأخيه في قدر كفايته نافلة له على وزان قوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: ٢٦].

فمن واسى أخاه في طعامه لم يفته من كفايته شيء، ويكون ثواب الله تعالى ورضاه عنه فائدة له زائدة، ونافلة عليه عائدة، ولا يعرف ذلك إلا محقق، والله سبحانه وتعالى الموفق.

وأما الإيثار فإنه إنما يكون ثقة بخلف الله تعالى، ولا شك أنه أبلغ من المواساة، إلا أن المواساة أيسر، والإيثار إنما يتيسر في أوقات دون أوقات.

وروى ابن أبي شيبة عن مجاهد رحمه الله تعالى قال: كان


(١) رواه مسلم (٢٠٥٩).
(٢) في "م" و"أ" و"ت": "ساوى" ولعل الصواب ما أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>