للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأشج -وهو أصغر القوم -، فأناخ الإبل، وعقلها، وجمع متاع القوم، ثم أقبل يمشي على تُؤَدَةٍ حتى أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأخذ بيده، فقبلها، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فِيْكَ خَصْلَتَانِ يُحِبُّهُمَا اللهُ وَرَسُوْلُهُ"، قال: ما هما يا رسول الله؟ قال: "الأَنَاةُ وَالتُّؤَدَةُ"، فقال: يا نبي الله! أَجَبْلٌ جُبِلْتُ عليه، أو خُلُقٌ مني؟ قال: "بَلْ جَبْلٌ جُبِلْتَ عَلَيْهِ"، فقال: الحمد لله الذي جبلني على ما يحب الله ورسوله.

وأقبل القوم على تمرات لهم يأكلونها، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يحدثهم، يسمي لهم هذا كذا، وهذا كذا، قالوا: أجل يا رسول الله! ما نحن أعلم بأسمائها منك، فقال: "أَجَلْ"، فقالوا لرجل منهم: أطعمنا من القوت الذي بقي في نوطك، فأتاهم بالبَرني، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هَذَا الْبَرْنِيُّ أَمَا إِنَّهُ مِنْ خَيْرِ تَمْرِكُمْ، دَواءٌ لا داءَ فِيْهِ" (١).

قلت: التُّؤَدَةُ -بضم المثناة وفتح الهمزة بعدها- التأني، وهو الأناة؛ كذا فسره في "النهاية"، وغيرها من كتب اللغة (٢).

ولكن هذا الحديث يدل أن بينهما فرقًا؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعلهما خصلتين، ولعل الثاني يرجع إلى صفة القلب، فكأنه يعني الصبر، وترك


(١) رواه البخاري في "الأدب المفرد" (٥٨٧) مختصرًا، والطَّبراني في "المعجم الكبير" (٢٠/ ٣٤٥) واللفظ له. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٩/ ٣٨٨): رواه الطبراني وأبو يعلى ورجالهما ثقات، وفي بعضهم خلاف.
(٢) انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (١/ ١٧٨)، و"لسان العرب" لابن منظور (٣/ ٧٥) (مادة: أود).

<<  <  ج: ص:  >  >>