للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصلٌ

وكذلك ينبغي له أن يخالط الصالحين، ويعاشرهم، ويخدمهم، ويقضي حوائجهم، ويعاونهم؛ لأن ذلك يدعو إلى محبتهم، والتشبه بهم، وطلب اللحاق بهم، والحشر معهم، وسريان طباعهم إليه

بمخالطتهم، كما تقدم التنبيه على ذلك، وإلى حلول نظرهم عليه، ودعائهم له، ولأن من جالسهم فقد جالس الله - عزوجل - لأنهم جلساؤه.

وروى مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أَنَّ رَجُلاً قَتَلَ تِسْعَةً ؤَتِسْعِيْنَ نَفْساً، فَجَعَلَ يَسْأَلُ؟ هَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَأَتَىْ راهِباً فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: لَيْسَ لَكَ تَوْبَةٌ؟ فَقَتَلَ الرَّاهِبَ، ثمَّ جَعَلَ يَسْأَلُ، فَخَرَجَ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَىْ قَرْيةٍ فِيْها قَوْمٌ صالِحُونَ، فَلَمَّا كانَ فِيْ بَعْضِ

الطَّرِيْقِ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ، فَناءَ بِصَدْرِهِ، فَأَحَفَّتْ بِهِ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ، وَمَلائِكَةُ الْعَذابِ، وَكانَ إِلَى الْقَرْيَةِ الصَّالِحَةِ أَقْرَبَ بِشِبْرٍ، فَجُعِلَ مِنْ أَهْلِهَا" (١).

وقوله: "فَناءَ بِصَدْرِهِ"؛ أي: مال بصدره إلى جهة القرية الصالحة، فأدركه الموت على هذه الحالة.


(١) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>