دائرة الاصطفاء، وحقيقة حقائق النبوة والولاية والاجتباء، المبعوثُ بأخص الأنباء، والمخصوصُ بعموم البعثة والإنباء، صلى الله وسلم عليه وعلى المنتمين من الآل والصحب إليه صلاةً وسلاماً دائمين ما فى امت الآلاء، وتوالت النعماء، وتلألأت الأضواء، وتلاحقت الأَنْواء، وامتدت سطور القدرة على طروس المصنوعات من غير انتهاء.
أمّا بعد:
فيقول العبد الفقير إلى رحمة ربه القدير؛ نجمُ الدِّين محمدُ بن محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الغَزِّيُّ العامريُّ الشافعيُّ - ألحقه الله تعالى بأهل الولاء، وحشره في زمرة العلماء -:
هذا كتاب كريم تطمئن إليه قلوب الأتقياء، وتنشرح له صدور الفضلاء، وتنبسط به أرواح الأولياء، وتنقبض منه نفوس أهل الآراء الفاسدة والأهواء، ضَمَّنته الأمرَ باتباع مَن ورد الأمر بالاقتداء بهداهم والاقتفاء، والنَّهي عن التشبه بمن ورد الزجر عن اتباع هواهم من أهل الافتراء، وأتبعت ذلك بالكلام على التشبه بالبهائم والسباع، كالهر والعواء؛ ليتنزه الإنسانُ عما لا يليق به من الطباع - كالهُزْء والهراء - إلى مقام الْمُرُوَّةِ والمعرفة والترقي عن مراكز النسر والعواء.
وهو كتاب لم أسبق - فيما أعلم - إلى جمعه وترتيبه، ولم أزاحم على اختراعه وتهذيبه، ولا وجدت من جاء في بابه بمثله ولا على أسلوبه، ذكرت فيه ما ورد في ذلك بحسب الاطلاع على سبيل السبر والاستقراء،