أحدهما: أن الله تعالى يعفيه من البلاء بالكلية في حياته الدنيا، ثم يقلعه قلعة واحدة، وإلى ذلك الإشارة لحديث مسلم.
والثاني: أن الله تعالى يبتليه، ولكن لا يلهمه الصبر في البلاء، فيفجر ويسخط، وإذا انتهى بلاؤه عاد إلى ما كان عليه، فهو في مرور البلاء عليه وانحساره عنه كالبهيمة لا يعرف الحكمة في البلاء ولا في العافية.
كما روى أبو داود عن عامر الرامي رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذا أَصابَهُ السَّقَمُ ثُمَّ أَعْفاهُ اللهُ عَنْهُ كانَ كَفَّارَةً لِما مَضى مِنْ ذُنوبِهِ، وَمَوْعِظَةً فِيما يُسْتَقْبَلُ، وَإِنَّ الْمُنافِقَ إِذا مَرِضَ ثُمَّ أُعْفِيَ كانَ كَالبَعِيرِ عَقلَهُ أَهْلُهُ ثُمَّ أَرْسَلُوهُ، فَلَمْ يَدْرِ لِمَ عَقَلُوهُ، وَلَمْ يَدْرِ لِمَ أَرْسَلوهُ"(١).
واعلم أن الله تعالى يحتج بسيدنا أيوب عليه السلام وسائر الصالحين من أهل البلاء بصبرهم ورضاهم وطاعتهم على من لم يصبر ولم يَرضَ.
قال مجاهد في أثره المتقدم: ويجاء بالمريض فيقول: ما منعك أن تعبدني؟