للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعالى عنهما قال: مر علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن نعالج خُصًّا (١) لنا، فقال: "ما هَذا؟ ".

فقلنا: قد وَهى فنحن نصلحه.

فقال: "ما أَرى الأَمْرَ إِلاَّ أَعْجَلَ مِنْ هَذا" (٢).

فيه إشارة إلى أن إصلاح الدنيا ليس من المهمات التي ينبغي الاعتناء بها للصالحين؛ فإنهم إنما هم في صلاح آخرتهم لا دنياهم، وإلى أن الذي يهون على العبد خراب الدنيا، وترك الاهتمام بإصلاحها قصر الأمل، واعتقاد زوال الدنيا ومفارقتها عن قرب.

وروى الإمام أحمد في "الزهد" عن ثابت البناني رحمه الله تعالى: أن صفوان بن محرز رحمه الله تعالى كان له خُصٌّ فيه جذع، فانكسر الجذع، فقيل له: ألا تصلحه؟

فقال: دعوه؛ إنما أموت غداً (٣).

نعم؛ لا بد مما لا بد منه من إصلاح الضروري من الدنيا كإصلاح الهيئة اللائقة بالعبد حفظاً لمروءته، وصيانة لعرضه عن وقوع الناس فيه كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِذا انْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِ أَحَدِكُمْ فَلا يَمْشِ فِي الأُخْرى


(١) الخص: البيت من قصب.
(٢) رواه أبو داود (٥٢٣٥)، والترمذي (٢٣٣٥) وصححه، وكذا ابن ماجه (٤١٦٠).
(٣) ورواه ابن أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٢/ ٢١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>