للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مصراً على صغيرة أو مرتكباً لكبيرة في كسبه أو حرفته فهو من الفاسقين، وإذا خرج من عهدة ما يجب عليه وكان بنية كفاية نفسه، والقيام على عياله، ومساعدة المسلمين بحرفته، وأتقن صنعته، وأحسن، وسمح في البيع والشراء، والأخذ والعطاء، والقضاء والاقتضاء خصوصاً في هذه الأعصار التي كثر فيها الفساد، ومرجت فيها العهود، واستنكر المعروف واستعرف المنكر، فهو في رتبة الصديقية فضلاً عن عموم الصلاح.

ووجود واحد بهذه الصفة الآن في غاية العزة والشذوذ.

وذكر أبو طالب عن بعض السلف قال: أتى على الناس زمان كان الرجل يأتي إلى مشيخة الأسواق فيقول: من ترون لي أعامل من الناس من أهل الصدق والوفاء؟

فيقال له: عامل من شئت.

ثم أتى عليهم وقت آخر وكان الرجل يقول: من ترون أعامل من الناس؟

فيقال له: عامل من شئت إلا فلاناً وفلاناً.

ونحن في زمان إذا قيل لنا: من نعامل من الناس؟

قلنا: ليس إلا فلاناً أو فلاناً.

وأخشى أن يأتي على الناس زمان يذهب هذا أيضاً (١).


(١) انظر: "قوت القلوب" لأبي طالب المكي (٢/ ٤٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>