فجثا رجل من الأعراب من قاصية الناس، فألوى بيده إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! ناس من الناس ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم النبيون على منازلهم وقربهم من الله تعالى؟ انعتهم لنا، حلهم لنا، شكلهم لنا.
فَسُرَّ وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - بسؤال الأعرابي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هُمْ مِنْ أفناءِ النَّاسِ وَنَوازعِ القَبائِلِ، لَمْ تَصِلْ بَيْنَهُمْ أَرحامٌ مُتَقارِبَةٌ، تَحابُّوا في اللهِ وَتَصادَقُوا، يَضَعُ اللهُ لَهُمْ يَومَ القيامَةِ مَنابِرَ مِنْ نُورٍ فَيَجْلِسُونَ عَلَيها، فَيَجْعَلُ وُجُوهَهُمْ نوراً، وثيابَهُمْ نوراً، يَفْزَعُ النَّاسُ يَومَ القِيامَةِ وَلا يَفْزَعُونَ، وَهُمْ أَوْلِياءُ اللهِ الَّذِينَ لا خَوفٌ عَلَيهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنونَ" (١).
وروى الإِمام أحمد، والحاكم عن أبي إدريس الخولاني: أنه قال لمعاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه: إني أحبك في الله، فقال له: أبشر، ثم أبشر؛ فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "يُنْصَبُ لِطائِفَةٍ مِنَ النَّاسِ كَراسِيُّ حَولَ العَرْشِ يَومَ القِيامَةِ، وَمَنابِرُ مِنْ نُورٍ عَلَيها قَومٌ وُجُوهُهُمْ كَالقَمَرِ لَيلَةَ البَدْرِ، يَفْزَعُ النَّاسُ وَهُمْ لا يَفْزَعُونَ، وَيَخافُ النَّاسُ
(١) رواه الإِمام أحمد في "المسند" (٥/ ٣٤٣)، وابن أبي الدنيا في "الإخوان" (ص: ٤٧).