للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العادات لأن المراد منها كان حصول اليقين، وقد حصل اليقين، فلو كوشف المرزوق صرف اليقين بشيء من ذلك لازداد يقينًا، فلا تقتضى الحكمة كشف القدرة بخوارق العادات لهذا الموضع استغناء به، وتقتضى الحكمة كشف ذلك للآخر لموضع حاجته؛ فكان هذا الثاني يكون أتم استعدادًا وأهلية من الأول حيث أغنى عن رؤية شيء من ذلك، فسئل الصادق مطالبة النفس بالاستقامة، فهي كل الكرامة، ثم إذا وقع في طريقه شيء من ذلك جاز وحسن، وإن لم يقع فما يبالي ولا ينقص بذلك، وإنما ينقص بالإخلال بواجب من الاستقامة.

قلت: وهذا الذي ذكره السهروردي هو أحد الأسباب في قلة ظهور الخوارق على الصحابة وأهل الصدر الأول، وأخذها من قرب عهدهم بالوحي ومشاهدة المعجزات، فاستغنوا بذلك عن كثرة ظهور الخوارق فيهم.

وأما السبب في قلة الخوارق الآن في هذه الأعصار المتأخرة فاختفاء أولياء الله تعالى لظلمة الوقت، وكثرة المكذبين والمؤولين لما يشاهدونه من الأولياء في الأسرار والخوارق، والمنكرين، وقلة الطالبين للخير وأهله، ولو حصل طالب صادق لوجد؛ فإن وجدان الأدب من شرط صحة الطلب؛ فافهم!

وفي المعنى قول ابن حبيب الصفدي رحمه الله تعالى: [من البسيط]

وَكُلُّ وَقْتٍ لَهُ أَهْلٌ يَلِيقُ بِهِ ... وَبَعْدَهُ مِنْهُ شَرٌّ بِالنُّصوصاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>