للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكْفِي زَمانٌ يُرى ما لَمْ يَأْتِ فِيهِ نبِيْ ... وَالأَوْلِياءُ اخْتَفَوْا وَعْظًا لِيَقَظَاتِ

قال الشيخ أبو العباس بن عطاء الله الإسكندري رحمه الله تعالى: سئل بعض العارفين عن أولياء العدد ينقصون في زمن، فقال: لو نقص منهم واحد ما أرسلت السماء قطرها, ولا أبرزت الأرض نباتها، وفساد الوقت لا يكون بذهاب أعدادهم ولا بنقص أمدادهم، ولكن إذا فسد الوقت كان مراد الله سبحانه وقوع اختفائهم مع وجود بقائهم، فإن كان أهل الزمان معرضين عن الله، مؤثرين لما سوى الله، لا تنجع فيهم الموعظة، ولا تميلهم إلى الله التذكرة، لم يكن أهلاً لظهور الأولياء فيه.

وذكر القشيري عن سهل بن عبد الله رحمه الله تعالى: أكبر الكرامات أن تبدل خُلُقًا مذموماً من أخلاق نفسك بخُلُق محمود (١).

قلت: والحكمة فيه أن حقيقة الكرامة خرق العادة، وإذا كان خُلق العبد سيئاً فبدله الله حسنًا، فقد خرق له هذه العادة لأن الانتقال عن الطبع لا قدرة للعبد عليه إلا أن ينقله الله تعالى عنه، فإذا تيسر للعبد أن ينتقل من خلق سيئ إلى خلق حسن فقد أكرمه بأعظم الكرامات.

وفي معنى كلام سهل ما رواه ابن عساكر عن الأصمعي قال: قال لنا يونس: كتب عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى إلى محمَّد بن كعب


(١) انظر: "الرسالة القشيرية" (ص: ٣٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>