للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وصبَرَ يوسف عليه السلام على البلاء ولم يتمنَّ فيه الموت، إنما تمناه حين توفرت له النعم موافق لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الموتَ لضُرٍّ نزلَ بِهِ، فَإِنْ كانَ لا بُدَّ فَلْيقُلْ: اللهُمَّ أَحْيِني ما كانَتِ الحَياةُ خَيرًا لِي، وَأَمِتْنِي إِذا كانَ الْمَوْتُ خَيراً لِي". رواه الشيخان من حديث أنس رضي الله تعالى عنه (١).

وفي هذا الحديث، وحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يتَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ؛ إِمَّا مُحْسِناً فَلَعَلَّهُ يَزْدادُ، وَإِمَّا مُسِيئاً فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ". رواه البخاري وغيرَه (٢)؛ إرشادٌ إلى ما هو الأولى والأفضل، وهو ترك تمني الموت، وكلة الأمر فيه إلى الله تعالى، واختيار ما اختار الله تعالى.

ولقد رد الله تعالى يوسف عليه السلام إلى مراده؛ فروى ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن أبي الأخنس (٣) قال: لما قال يوسف عليه السلام: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ} إلى قوله: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف: ١٠١] شكر الله تعالى له ذلك، فزاد في عمره


(١) رواه البخاري (٥٩٩٠)، ومسلم (٢٦٨٠).
(٢) رواه البخاري (٥٣٤٩). وفي "أ": "رواه وغيره البخاري".
(٣) في "الدر المنثور": "عن الأعمش"، وفي "تفسير ابن أبي حاتم": "عن أبي الأعيس".

<<  <  ج: ص:  >  >>