للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمانين عامًا (١).

ثم تمني الموت إن كان شوقا إلى الله تعالى وإلى ما عنده، فهو حسن، وأولى منه ترك الاختيار.

وإن كان لضر مسه، أو يخاف أن يمسه فهو مكروه، وإن كان خوفا من الفتنة في الدين فهو أحسن أيضًا.

وأما كراهية الموت فهو في طبع كل إنسان، وأما المكروه المذموم كراهية لقاء الله؛ لأنها تدل على الوحشة بينه وبين الله تعالى بالمعصية واليأس من رحمته.

ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ كَرِهَ لِقاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقاءَه" (٢).

وهذا هو الذي كان سببًا في امتناع اليهود من الموت.

وإن كان الموت لازما لكل إنسان لم يبق للمؤمن إلا الرضا به -وإن كان قد أوحش ما بينه وبين الله تعالى بالمعصية- ثم يتمسك بالانكسار والافتقار، وحسن الظن بالكريم الغفار.

وأما الكافر والمنافق فلا ينفعه الرضا إلا لو آمن، وإذا آمن فقد أفلح، وإلا هلك قطعًا.

ومن ثم قال الله تعالى لليهود حين علم أنهم لا يتمنون الموت وأخبر


(١) رواه ابن أبي حاتم في "التفسير" (٧/ ٢٢٠٣)، وانظر: "الدر المنثور" للسيوطي (٤/ ٥٩١).
(٢) رواه البخاري (٦١٤٢)، ومسلم (٢٦٨٣) عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>