للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ومما يبين ذلك أنك تجد الرجل عاقلاً في أمر الدنيا إذا نظر فيها، وتجد آخر ضعيفًا في أمر دنياه، عالمًا بأمر دينه، بصيرًا به، يؤتيه الله إياه، ويَحْرِمُهُ هذا (١).

واختار النووي في "شرح مسلم": أن الحكمة عبارة عن: العلم

بالأحكام المشتملة على المعرفة بالله تبارك وتعالى، مصحوب بنفاذ البصيرة وتهذيب النفس وتحقيق الحق والعمل به، والصدِّ عن اتباع الهوى والباطل.

وقوله تعالى: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ} [البقرة: ٢٦٩]؛ أي: من يختاره لها ويصطفيه لها، فأهل الحكمة وأولو الألباب هم المصطفون الأخيار، قليل من أعمالهم، كثير عند الله تعالى؛ لأنهم أحباب الله، وأولياؤه، ومختاروه، والقليل من الأحباب مقبول، وشتان بين المقبول والمردود.

وفي كتاب الله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: ٢٧]، والتقوى نتيجة الخشية التي هي رأس الحكمة، ومحك العلم، والقليل إذا كان مقبولاً عند الله تعالى، لم يكن قليلاً في نفسه؛ لأن الذي قَبِلَهُ كريم، ومن شأن الكريم أن يرى القليل من غيره كثيرًا، وإن عين الرضى تكثر قليل المرضي عنه، وتعظم صغير المقبول منه.

وقد روى ابن أبي شيبة عن الحسن رحمه الله مرسلاً قال: قال


(١) رواه ابن أبي حاتم في "التفسير" (٢/ ٥٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>