للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى الإِمام أحمد في "الزهد" عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - أنه قال: يا حبذا نوم الأكياسِ وإفطارهم، كيف يغبنون سهر الحمقى وصيامهم؟ ولَمِثْقال ذرة من صاحب تقوى ويقين، أعظم وأفضل وأرجح من أمثال الجبال عبادة من المغترين (١).

وصدق - رضي الله عنه -؛ فإن نوم الأكياس -وهم الفطناء أولو الألباب - وإفطارهم يكون بنية صالحة، ولغرض صحيح، فهما أفضل من سهر المتكلف وصومه.

وقد أطلق أبو الدرداء عليه اسم الحمق؛ لأنه يضرب في حديد بارد لم يعقل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّما الأَعْمَالُ بِالنِّيَاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِ امْرِئٍ مَا نَوَى" (٢)، ولم يعمل بمقتضاه، ولو كان له عقل وكَيْسٌ لعقل هذا وغيره عن الله تعالي ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.

ومن هنا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَفْلَحَ مَنْ رُزِقَ لُبًّا". وفي رواية: "قَدْ أَفْلَحَ". رواه البخاري في "تاريخه"، والبيهقي في "شعبه" عن قرة بن هبرة - رضي الله عنه - (٣).

و(قد) لتحقيق حصول الفلاح، وهو العون والبقاء في الخير لذوي الألباب، ومهما حصل لهم فيما بين ذلك من مشقة، فإن الله تعالى يأخذ


(١) رواه الإِمام أحمد في "الزهد" (ص: ١٣٨).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>