للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحمله بعض الصوفية على العلم اللَّدُنِّيِّ (١) أو لذلك تنتهي معظم طرق الصوفية إلى سيدنا علي - رضي الله عنه -، وأكثرها من طريق الحسن البصري, ولقد كان من أبواب العلم اللَّدُنِّيِّ النافع.

ولقد روى ابن أبي الدنيا في كتاب "قصر الأمل", وابن حيان في "الثقات"، وأبو نعيم عن أبي عبيدة الناجي رحمه الله تعالى قال: دخلنا على الحسن في مرضه الذي مات فيه فقال: مرحبًا بكم وأهلًا, وحياكم الله بالسلام، وأدخلنا وإياكم دار المقام, هذه علانية حسنة إن صبرتم وصدقتم، وأيقنتم، فلا يكن حظكم من هذا الخير أن تسمعوه بهذه الأذن، وتخرجوه من هذه؛ فإنَّه من رأى محمد - صلى الله عليه وسلم - فقد رآه غاديًا ورائحًا، لم يضع لبنة على لبنة، ولا قصبة على قصبة، ولكن رفع له علم


(١) قال ابن القيم في "مدارج السالكين" (٢/ ٤٧٥) "العلم اللدني ثمرة العبودية والمتابعة والصدق مع الله والإخلاص له، وبذله الجهد في تلقي العلم من مشكاة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وكمال الانقياد له، فيفتح له منْه فهم الكتاب والستة بأمر يخصه به، كما قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وقد سئل: هل خصكم رسول الله بشيء دون الناس؟ فقال: لا والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة, إلا فهمًا يؤتيه الله عبدًا في كتابه. فهذا هو العلم اللدني الحقيقي.
وأما علم من أعرض عن الكتاب والسنة ولم يتقيد بهما: فهو من لدن النفس والهوى والشيطان، فهو لدني لكن من لدن من! وإنما يعرف كون العلم لدنيا رحمانيا: بموافقته لما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن ربه عز وجل, فالعلم اللدني نوعان: لدني رحماني، ولدني شيطاني بطناوي، والمحكُّ هو الوحي, ولا وحي يعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

<<  <  ج: ص:  >  >>