للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فشمر إليه؛ الوَحَاءَ الوَحَا (١)، النجاء النجاء، على ما تعرجون أنتم ورب الكعبة كأنكم والأمر معا، رحم الله عبدًا جعل العيش عيشا واحدًا، وأكل كسرة، ولبس خرقًا, ولزق بالأرض، واجتهد في العبادة، وبكى على الخطيئة، وهرب من العقوبة، وابتغى الرحمة، حتى يأتيَه أجله وهو على ذلك (٢).

ومعنى قوله: جعل العيش عيشًا واحدًا؛ أي: لم يلتفت إلا إلى عيش واحد وهو عيش الآخرة؛ إذ لا عيش إلا عيش الآخرة، كما في الحديث.

وقوله: وكل كسرة، ولبس خَلِقًا؛ أي: أكل ما وجد ولو كسرة، ولبس ما وجد ولو خَلِقًا؛ أي: لم يتقيد في طعام أو لباس بهوى نفسه، بل يكتفي بالميسور.

وقوله: ولزق بالأرض معناه: ترك السعي في طلب الدنيا، والتأنق في تحصيل ملاذها بحيث لا يهتم بشيء منها، بل يكون اهتمامه واجتهاده فيما خلق له من العبادة.

وبكى على خطيئته، وهرب من موجبات العقوبة، وابتغى الرحمة من الله تعالى من مظانها؛ ومن أهم مظانها البكاء على الخطيئة، والخوف من العقوبة.


(١) الوحاء: السرعة.
(٢) رواه ابن أبي الدنيا في كتاب "قصر الأمل" (ص: ١٢١) واللفظ له، وابن حبان في "الثقات" (٦/ ٢٦١)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (٢/ ١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>