للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"يَدْخُلُ فُقَرَاءُ أُمَّتِيْ الْجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَائِهِمْ بِأَرْبَعِيْنَ خَرِيْفًا"، فقيل له: صفهم لنا، قال: "الدَّنِسَةُ ثَيَابُهُمْ، الشَّعِثَةُ رُؤُوْسُهُمْ، الذِيْنَ لا يُؤْذَنُ لَهُمْ عَلى السُّدَّاتِ، وَلا يَنْكِحُوْنَ المُتَنَعِّمَاتِ، تُوْكَلُ بِهِمْ مَشَارِقُ الأَرْضِ وَمَغَارِبُهَا، يُعْطُوْنَ كُل الذِيْ عَلَيْهِمْ، وَلا يُعْطَوْنَ الَذِيْ لَهُمْ". رواه الطبراني في "معجمه الكبير"، و"الأوسط" (١).

قال المنذري: ورواته ثقات (٢).

ومن فوائد الحديث: أنَّ من صفة الأبرار إيضاح سبيل الهدى بالتربية والتعليم، وحسن الرعاية، خصوصاً في أيام الفتن والاختلاط والمحن، كما أن المصابيح توضح الطرق للسائرين في جنح الليالي المظلمة، كما يؤخذ من قوله: "مصابيح الهدى".

فإن قلت: كيف يكونون مصابيح الهدى وهم أخفياء لا يكاد الناس يعرفونهم، ولا يلتفتون إليهم؟

قلت: إنَّما يعرفهم السائرون إلى الله، المريدون لوجهه، الصادقون في إرادتهم له وسيرهم إليه، كما أنَّ النجوم هي مصابيح السماء لا يلتفت إليها أكثر الناس، ولا يراعونها لعدم احتياجهم إليها، بخلاف السائرين في جنح الليالي؛ فإنهم يتقصدونها شروقًا وغروباً، ويتعرفونها، ويتفقدونها، ويراعونها، ويراقبونها لشدة اشتياقهم إليها، فالنجوم في


(١) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (٣٤٧٧).
(٢) انظر: "الترغيب والترهيب" للمنذري (٤/ ٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>