للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد نص ابن الحاج في "مدخله" على ما ذكرته، فقال في فضل الخروج إلى المسجد، وكيفية النية فيه: وينوي إذا خرج إلى المسجد الاقتداء والاقتباس بآثار من أمرنا باتباعهم من العلماء والصلحاء، ويتأدب بآدابهم؛ يعني: بالنظر إلى تعبدهم، وتصرفهم لأنه "ليس الخبر كالمعاينة" (١)، انتهى (٢).

وينبغي لمن نوى التشبه بالصالحين، والتخلق بأخلاقهم أن يرجو نجاز ذلك وتنفيذه من الله تعالى، ولا يعزم على نفسه في ذلك بنذر ونحوه خوفاً من الإخلاف من ذلك؛ فإنه من أفعال المنافقين.

قال الله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٧٥) فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٧٦) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [التوبة: ٧٥ - ٧٧].

نسأل الله تعالى العافية، ونبرأ إليه من الحول والقوة، وليس للعبد البار الصالح أحسن من الإنفاق من كنز: لا حول ولا قوة إلا بالله.

وروى ابن النجار في "تاريخه" عن ابن مسعود - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: "أَلا أُخْبِرُكَ بِتَفْسِيْرِ: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللهِ؟ لا حَوْلَ عِنْ


(١) رواه الإِمام أحمد في "المسند" (١/ ٢١٥)، وابن حبان في "صحيحه" (٦٢١٣) عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٢) انظر: "المدخل" لابن الحاج (١/ ٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>