للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٤) بَابُ التَّشَبُّه بِالشَّهَدَاءِ

اعلم أن الشهداء إما أن تفسرهم بالذين جادوا بأنفسهم حتى قتلوا في سبيل الله تعالى.

وإمَّا أن تفسرهم بالعلماء الراسخين في العلم لأنهم شهداء الله في الأرض، وهم الواقفون في مقام الاستدلال من أهل العلم.

فإن أخذنا بالتفسير الأول -وهو المتبادر- فبهذه الشهادة يستكمل العبد مقامات الصلاح؛ لأن حقيقة الصلاح شغل النفس بالطاعة ما دامت باقية، فإذا انتهت من الطاعة إلى الجود بذاتها فقد بلغت الغاية.

وقد روى النسائي، والحاكم وصححه، عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -: أنَّ رجلًا جاء إلى الصلاة والنبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي بنا، فقال حين انتهى إلى الصف: اللهم آتني أفضل ما تؤتي عبادك الصالحين، فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة قال: "مَنِ الْمُتِكِّلمُ آنِفًا؟ " قال: أنا، قال: "إِذَنْ يُعْقَرُ جَوادُكَ، وَتُسْتَشْهَدُ في سَبِيْلِ اللهِ" (١).


(١) رواه النسائي في "السنن الكبرى" (٩٩٢١)، والحاكم في "المستدرك" (٧٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>