للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل نقول: إن المؤمن لا يملك نفسه لأنها دخلت تحت المبايعة، كما قال سهل بن عبد الله رحمه الله تعالى: لا نفس للمؤمن لأنها دخلت تحت البيع من الله تعالى (١)، فإذا قتل نفسه فقد تصرف في غير ملكه بغير إذن المالك، بل تجرأ على ما لا يملك، وتعدى عليه، فأتلفه مع نهي مالكه له عن إتلافه بقوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: ٢٩].

فقد تبين لك بذلك أن طلب الشهادة، واختيار القتل في سبيل الله تعالى تنفيذ للبيع وتسليم للمبيع لمبتاعه، وقتل المؤمن نفسه إتلاف من البائع للمبيع بعد صدور العقد وانتقال الملك فيه إلى المشتري، فتفطن لما ذكرناه، وتدبر ما حررناه!

ومن لطائف عبد الله بن رواحة - رضي الله عنه - قوله وهو آخذ بخطام ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة، كما في السير، وغيرها: [من الرجز]

قَدْ أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ فِيْ تَنْزِيْلِهْ ... بِأَنَّ خَيْرَ الْقَتلِ فِيْ سَبِيْلِهْ (٢)

وإيضاح هذه الخيرية أن المقتول ظلمًا بصدد المغفرة والثواب، إلا أنه لا يبلغ ثواب المقتول في الجهاد في سبيل الله تعالى؛ فالقتل في سبيل الله تعالى خير أنواع القتل المتسبب عنه ثواب المقتول.


(١) ذكره السلمي في "حقائق التفسير" (١/ ٢٨٦).
(٢) رواه أبو يعلى في "مسنده" (٣٥٧١)، وابن حبان في "صحيحه" (٤٥٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>