للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العبد على استقامة من الصدق وطمأنينة في الحب وجبت له مساكن الصديقين ومنازل المقربين، وحقَّ له أن ينادى عند الموت بما نودي به أبو بكر الصديق وأقرانه - رضي الله عنهم -: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (٢٨) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (٢٩) وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر: ٢٧ - ٣٠].

ثم إنَّ نيل هذا المقام، بل الدخول في أول طريق الصدق لا يكون إلا بتوفيق الله تعالى وهدايته، ومن ثمَّ يشرع لنا في كل صلاة أن نقول: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: ٦، ٧].

وروى ابن أبي الدنيا في كتاب "الصدق" عن عمرو بن قيس: أن بعض التابعين وقعت عليه رقعة وهو قائم يصلي، فنظر فإذا فيها: اللهم إني أسألك يقين الصادقين، وصدق الموقنين، وعمل الطائعين، وخوف العاملين، وعبادة الخاشعين، وخشوع العابدين، وإنابة المخبتين، [وإخبات المنيبين] (١)، وإلحاقاً برحمتك بالأحياء المرزوقين (٢).

ثم الصديقون -كما تقدم- هم الذين صَعِدت نفوسهم إلى أَوج المعارف، وأفق الاطلاع على الحقائق؛ تارة بمراقي النظر في الحجج والآيات، وتارة بمعارج التصفية والرياضات، لكن يشترط فيهم استصحاب الصدق مآلاً وحالاً في بداياتهم ونهاياتهم.


(١) زيادة من "اليقين".
(٢) رواه ابن أبي الدنيا في "اليقين" (ص: ٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>