للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبذلك يظهر الفرق بين الصديق والمُسْتَدْرَج؛ فإنَّ كثيراً من الناس ينطق بالحكمة، ويتكلم بلسان المعرفة، ويقتدر على الاحتجاج والاستظهار، وتكون أفعاله غير مرضية عند الله تعالى، فمعرفته على لسانه ليست على قلبه، فهو مستدرج بعمله، مملًى له في معرفته.

ولذلك قال ذو النون - رضي الله عنه -: أريد عارفًا خائفاً، لا عارفاً واصفاً.

فالصديق من شأنه الخوف الدائم.

قال الله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦)} [الرحمن: ٤٦].

قال ابن شوذب (١): نزلت في أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -. رواه ابن أبي حاتم (٢).

وقال عطاء رحمه الله تعالى: إنَّ أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - ذكر ذات يوم، وفكر في القيامة والموازين، والجنة والنار، وصفوف الملائكة، وطي السماوات، ونسف الجبال، وتكوير الشمس، وإنثار الكواكب، فقال: وددت أني كنت خضراً من هذه الخضر تأتي علي بهيمة فتأكلني وأني لم أخلق، فنزلت هذه الآية: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦)} [الرحمن: ٤٦].

رواه ابن أبي الدنيا في كتاب "المتمنين"، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ في "العظمة" (٣).


(١) في "م": "ابن شوذة".
(٢) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (٧/ ٧٠٦).
(٣) رواه ابن أبي الدنيا في "المتمنين" (ص: ٥٩)، وأبو الشيخ في "العظمة" (١/ ٣٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>