للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مجاهد رحمه الله: كل مؤمن صديق وشهيد، ثم تلا الآية. رواه عبد الرزاق، وغيره، وأخرجه ابن المنذر عن ابن مسعود - رضي الله عنه - (١).

وروى ابن حبان عن عمرو بن ميمون الجهني وإنه قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وصليت الصلوات الخمس، وأديت الزكاة، وصمت رمضان، فممن أنا؟ قال: "مِنَ الصِّدِّيْقِيْنَ وَالشُّهَدَاءِ" (٢).

ويحتمل أن يقال: كل من شهد -أي: علم - مقاماً من مقامات الإيمان، وأيقن به، وصدق فيه، ودام على ذلك، فهو شهيد وصديق بالنسبة إلى ذلك المقام.

فإن شهد كذلك مقامين، فهو شهيد وصديق فيهما.

وإنما يكمل مقام الشهادة بالقتل في سبيل الله تعالى، أو بالاستقامة في علوم الشرع، ومقام الصديقية لمن بلغ الكمال في المعارف، ولم يصرفه عن الصدق صارف، فافهم!

ثم الفرق بين الشهداء الذين هم العلماء وبين الصديقين: أنَّ الشهداء واقفون في مقام الاستدلال في كل علومهم وأحوالهم، وأمَّا الصديقون فإنهم يستكشفون الحق تارة بالاستدلال، وتارة بالرياضة المؤديين إلى تنوير البصيرة، وتارة بمجرد التوفيق والإلهام من الله تعالى، فهم أخص


(١) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (٨/ ٦١).
(٢) رواه ابن حبان في "صحيحه" (٣٤٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>